تحت عنوان "أوجاع الظهر عند الحامل ليست طبيعية!"، كتبت جنى جبور في صحيفة "الجمهورية": "تعاني 70 في المئة من النساء اوجاعاً غير محمولة في الظهر خلال الحمل، فيظننّ أنّ ذلك أمرٌ طبيعيّ في هذه المرحلة، ويحاولن التكيّف معها ما ينعكس على نفسياتهن وأجسامهن سلباً فتصبح فكرة الحمل مرعبة بالنسبة لهن. ولكنّ هذه الاوجاع الشائعة ليست طبيعية ابداً، إلّا في الشهر الاخير من الحمل، وقبل ذلك تكون ناتجة عن تسرّبات نمط الحياة غير الصحي للمرأة، من هنا ضرورة علاج هذه المشكلة من اجل تأمين حمل آمن وخال من الاوجاع.
نمط الحياة الخاطئ
وفي هذا السياق كان لـ"الجمهورية" حديث خاص مع اختصاصي تقويم العظام والطب الرياضي، الدكتور ايلي مالك، الذي استهلّ حديثه قائلاً: "تتبع غالبية النساء حياةً غير صحية قبل الحمل مثل الوزن الزائد، النوم والجلوس بطريقة خاطئة وعدم ممارسة الرياضة.
فتعاني معظمهن من مشاكل في الظهر. اما في مرحلة الحمل فترتفع نسبة "الاوستروجين" المسؤول عن ترخية العضلات والمفاصل والانسجة في جسم المرأة كي لا تؤثر على ظهرها التغيّرات التي ستطرأ على هيكلها.
وهنا تظهر الترسّبات القديمة الناتجة عن نمط الحياة الخاطئ فيزيد الضغط على العامود الفقري ما يسبّب التواءً فيه. وبمجرد أن تكون هناك تقيدات حركية وخلل وظيفي في الفقرات قبل الحمل، ستصبح الاوجاع بعد الحمل جدّية بسبب عدم تكيّف الفقرات مع التغيّرات".
صعوبة الحمل الأوّل
نادراً ما تشعر الحامل بآلام الظهر في الاشهر الثلاثة الاولى وذلك لأنّ التغيّرات لا تزال بسيطة، وتتطوّر ابتداءً من الشهر الرابع او الخامس فيرتخي البطن ويندفع الى الامام ليضغط على الفقرات مسبباً الاوجاع التي تتصاعد مع تقدم اشهر الحمل، ويشرح مالك في هذا الاطار: "تشعر المرأة بأكبر نسبة آلام في حملها الاول لأنّ كلّ شيء يكون جديداً عليها، ولكن في الحمل الثاني تتكوّن ذاكرة جسدية تتكيف معها الاوجاع، لذلك من المهم أن تتعالج المرأة خلال حملها الاول كي لا يسبّب لها الوجع قلقاً يجعلها تتردّد عن الحمل مرة اخرى وطبعاً للابتعاد من المضاعفات خصوصاً على مستوى الغضروف".
الجلسات التقويمية والتحضيرية
بعد الشهر الثالث يكون الحمل قد أصبح آمناً عند الحامل لذلك من المهم أن تتوجّه في حال الشعور بالآلام الى اختصاصي تقويم عظام، ويشير مالك الى انّه "نُخضع الحامل حتى الشهر الثامن الى جلسات علاج تقويمية، طبيعية ويدوية دون اللجوء الى الادوية، وبعد هذه الفترة يتغيّر العلاج ليصبح تحضيرياً لمرحلة الولادة الطبيعية كي لا تواجه الحامل أيّ عائق أو تشنّجات تعارض الولادة".
أهمية المتابعة الطبّية
يُعتبر العلاج التقويمي جديداً نوعاً ما، الامر الذي يقلق الكثير من النساء، من هنا تكمن اهمية التوجّه عند الطبيب المختص وليس غيره، لأنّ التعامل مع الحامل أمر دقيق، ويقول مالك "قد تذهب النساء عند جراح عظام إلّا أنه لن يفيدهن لأنه لا يمكن إخضاعهن للجراحة او للعلاج الدوائي، وكما أنّ العلاج الفيزيائي لا ينفع ايضاً لأنّ المشكلة في العامود الفقري، فاذا خفّ الوجع سيعاود الظهور تلقائياً".
من الشهر الثالث حتى الثامن
يمكن للحامل العمل في المكتب وفي المنزل والاهتمام بعائلتها في فترة حملها ولكنّ الأوجاع قد تمنعها من ذلك، إلّا أنّ العلاج التقويمي سيخفّف من هذه المشكلة، ويوضح: "من المهم الخضوع لجسلة كلّ شهر لمواكبة تطوّر الجسم، ويختلف العلاج بحسب كلّ مشكلة ومكان الآلام.
وتكون مدّة الجلسة حوالى نصف الساعة، يقوم الطبيب خلالها بحركات يدوية هدفها التخلّص من التقيد الحركي في الفقرات وإراحة مجاري الأعصاب حتى يخفّ الضغط عليها. وبعد ذلك ننصح المرأة بالوضعيات الصحية التي يجب اعتمادها، مثل النوم على جانبها واضعةً وسادة بين رجليها، او مثلاً رفع رجليها عن الارض خلال جلوسها خلف المكتب وأن تلقي حوضها على كرسي مرتفع خلال قيامها بالاعمال المنزلية لتخفيف الحمل عن اسفل ظهرها. كما أنه قد يفيدها تطبيق بعض الحركات في المياه، وممارسة اليوغا لأنّ التمارين التنفّسية تساعدها كثيراً خلال الولادة".
الشهر الأخير
أما في الشهر الاخير فيهدف العلاج الى التحضير للولادة ويشرح مالك تفاصيله "قبل موعد الولادة بـ20 يوماً نقوم بجلستين تحضيريتين وهما كناية عن جلسات لترخية عضلات اسفل الحوض حتى لا تعترض الحامل أي تشنّجات تمنع او تُؤخّر نزول الطفل".
نصائح وقائية
لا يملك العلاج التقويمي إذا تمّ بالشكل الصحيح أيّ عوارض جانبية، ويلفت مالك الى أنّه "لا نعطي الحامل أيّ علاج دوائي بل نركّز على وصف المكمّلات الغذائية الطبيعية كالمغنيزيوم لترخية العضلات، والفيتامين "ب" لإراحة العصب.
وننصح كلّ النساء أن ينتبهوا الى نمط حياتهم قبل الولادة ومحاولة التخلص من التقيدات الحركية وأن يمارسن الرياضة كالسباحة مثلاً، والتخلص من الوزن الزائد.
ومن المهم أن تتأكد الحامل في شهرها الثالث أنها لا تعاني من التقيدات، كي لا تتطوّر مشكلتها إذا لم تعالج مسبّبةً لها في الشهر الخامس المضاعفات كتمزق او انزلاق الغضروف خصوصاً أنّ علاج هذه الحالات يكون جراحياً ما يسبّب خطراً على الحامل".
(جنى جبور - الجمهورية)